الشرق الأوسط والعالم

هل الاعتراف بدولة فلسطين بات وشيكًا؟

الاعتراف بدولة فلسطين بات خطوة وشيكة في ضوء التحولات الجيوسياسية المتسارعة، وتزايد الضغوط الدولية على إسرائيل لوقف سياساتها التوسعية، وسط تنامي الدعم الشعبي والرسمي عالميًا لحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.

الاعتراف بدولة فلسطين بات وشيكًا: تطورات متلاحقة ومؤشرات حاسمة

تعيش الساحة الدولية حالة من الحراك غير المسبوق تجاه المسألة الفلسطينية، مع اتساع رقعة الدول التي تُعلن دعمها العلني والمباشر للاعتراف بدولة فلسطين. لم يعد الاعتراف حلمًا مؤجلًا، بل تحوّل إلى أولوية على أجندات العديد من العواصم الغربية واللاتينية، مدفوعًا بعوامل سياسية وأمنية وأخلاقية تتقاطع عند نقطة مفصلية: نهاية حقبة الاستثناء الإسرائيلي.

التغير في مواقف أوروبا: من الحذر إلى التصعيد الدبلوماسي

كانت أوروبا، لعقود، تعتمد لغة “التوازن” بين دعم حل الدولتين وبين إبقاء العلاقة مع إسرائيل في حدود المصالح الاستراتيجية. لكن المجازر التي ارتُكبت في غزة منذ أكتوبر 2023 أدت إلى موجات غضب عارمة داخل المجتمعات الأوروبية، انعكست في ضغط شعبي مباشر على صانعي القرار.

فرنسا تستعد للاعتراف بالدولة الفلسطينية.. كيف كانت ردود الفعل في إسرائيل والعالم؟

إسبانيا، إيرلندا، والنرويج أعلنت بالفعل اعترافها بدولة فلسطين، فيما أبدت فرنسا وبلجيكا والسويد إشارات ضمنية إلى إمكانية اتخاذ الخطوة ذاتها خلال الشهور المقبلة، إذا لم تتغير سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين.

أمريكا: تحوّل خجول وتردد استراتيجي

رغم أن واشنطن ما تزال تُعد الحليف الأكبر لإسرائيل، إلا أن الأصوات المنتقدة داخل الكونغرس، وخاصة من الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي، بدأت ترتفع بشكل ملحوظ.

الرئيس جو بايدن أعلن تأييده لحل الدولتين، لكن دون خطوات تنفيذية فعلية. إلا أن الخلافات المتصاعدة مع حكومة بنيامين نتنياهو، والقلق الأمريكي من انهيار السلطة الفلسطينية، يجعلان خيار الاعتراف غير مستبعد في المدى المتوسط، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية وسعي الديمقراطيين لاستعادة ثقة القواعد التقدمية.

اقرأ أيضا : رد سوريا على الهجوم الإسرائيلي في السويداء

التحولات في أمريكا اللاتينية: موجة تأييد جارف

تشهد أمريكا اللاتينية موجة تأييد متنامية للاعتراف بدولة فلسطين. معظم دول الجنوب، وعلى رأسها البرازيل، تشيلي، وكولومبيا، أعلنت مواقف صريحة بدعم الدولة الفلسطينية، بل وقطعت بعض هذه الدول علاقاتها مع إسرائيل أو استدعت سفراءها بعد التصعيد الإسرائيلي الأخير.

تُعبّر هذه المواقف عن تحوّل في ميزان الأخلاق السياسية لدى هذه الدول، حيث أصبح دعم القضية الفلسطينية جزءًا من هويتها السياسية المناهضة للاستعمار.

العالم الإسلامي والعربي: من الخطاب إلى الفعل؟

التحرك العربي تجاه الاعتراف الدولي بفلسطين لم يكن بمستوى الزخم الشعبي، لكنه بدأ يشهد تغيّرًا في الخطاب والممارسة.

السعودية، التي تُعد لاعبًا محوريًا في المنطقة، ربطت أي تقارب مع إسرائيل بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية. كذلك كرّرت دول الخليج ومصر والأردن دعمها لحل الدولتين في المحافل الدولية، مع مساعٍ للضغط على أوروبا وأمريكا لتبني الاعتراف كخيار عاجل.

لماذا هذا التوقيت؟ وما الذي تغيّر؟

هناك أربعة عوامل رئيسية تُسرّع من وتيرة الاعتراف بدولة فلسطين:

  1. الوحشية الإسرائيلية الأخيرة: ما حدث في غزة أعاد تسليط الضوء على واقع الاحتلال، وعزّز المطالبات بالعدالة الدولية.
  2. تآكل صورة إسرائيل عالميًا، خاصة في أوساط الشباب والمثقفين، وحتى بعض الدبلوماسيين الغربيين.
  3. تراجع الثقة بالمسار التفاوضي الذي ظل لعقود يدور في حلقة مفرغة.
  4. صعود التيارات اليسارية والتقدمية في دول مؤثرة ترى أن الاعتراف بفلسطين هو واجب أخلاقي.

ماذا يعني الاعتراف؟ وهل هو كافٍ؟

الاعتراف الدولي بدولة فلسطين لا يعني نهاية الاحتلال تلقائيًا، لكنه يمنح الفلسطينيين أوراقًا قانونية وسياسية قوية، مثل:

  • رفع التمثيل الفلسطيني في المؤسسات الدولية.
  • تسهيل رفع قضايا ضد إسرائيل في المحاكم الدولية.
  • التأثير في الرأي العام العالمي وتغيير اللغة الإعلامية السائدة.

لكن الاعتراف وحده لا يكفي، إذ يحتاج الفلسطينيون إلى وحدة داخلية حقيقية، وبناء مؤسسات فاعلة قادرة على ترجمة هذا الاعتراف إلى واقع سياسي على الأرض.

خاتمة: الاعتراف قادم… والسؤال لم يعد “متى؟” بل “كيف سيتعامل العالم معه؟”

الاعتراف بدولة فلسطين بات أقرب من أي وقت مضى، ليس لأن إسرائيل تغيّرت، بل لأن العالم بدأ يفتح عينيه. التحولات الجارية تُشير إلى نهاية عهد “الاستثناء الإسرائيلي”، وبداية مرحلة جديدة عنوانها “العدالة ولو بالتدريج”.

لكن الطريق ما يزال مليئًا بالعقبات، ويحتاج إلى حراك شعبي عالمي، وتماسك فلسطيني داخلي، واستثمار ذكي في هذه اللحظة التاريخية.


الأسئلة الشائعة

هل يعني الاعتراف الدولي نهاية الاحتلال الإسرائيلي؟

لا، لكنه يُعد خطوة مهمة في الضغط القانوني والسياسي على إسرائيل، ويفتح أبوابًا جديدة للنضال الفلسطيني على المستوى الدولي.

ما هي الدول العربية التي قد تدفع نحو الاعتراف بفلسطين؟

السعودية وقطر والأردن تلعب دورًا دبلوماسيًا مهمًا، لكن الاعتراف الرسمي يتم عبر الدول غير العربية في الغالب، نتيجة الثقل السياسي والدبلوماسي.

ما هو تأثير الاعتراف على مفاوضات السلام؟

قد يُسرّع الاعتراف العودة إلى طاولة المفاوضات بشروط جديدة، لكن بشرط أن يترافق مع ضغط حقيقي على إسرائيل لتقديم تنازلات.


اكتشاف المزيد من feenanoor news

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مبارك أبو ياسين

مبارك أبو ياسين كاتب ومُدوِّن عربي يهتم بتحليل القضايا السياسية والاجتماعية والفكرية من منظور إنساني عميق. يُعرف بأسلوبه السلس وقدرته على الربط بين الأحداث والواقع اليومي، ويكتب في مجالات متعددة تشمل الرأي، الإعلام، التحولات النفسية، والتعليم، واضعًا نصب عينيه تقديم محتوى احترافي، ثري، وذو طابع بشري يُلامس القارئ العربي.

يمكنك التعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من feenanoor news

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading