لماذا اختارت إيران ضرب القاعدة الأمريكية في قطر وتجنّبت السعودية؟ تحليل استراتيجي لرسائل النار

لماذا اختارت إيران ضرب القاعدة الأمريكية في قطر وتجنّبت السعودية؟ تحليل استراتيجي لرسائل النار في خطوة وُصفت بأنها الأخطر منذ سنوات، شنّت إيران ضربة عسكرية استهدفت القاعدة الأمريكية في قطر، وسط صمت محسوب تجاه الوجود الأمريكي في السعودية. هذه الخطوة تطرح تساؤلات ملحة: لماذا اختارت إيران قطر تحديدًا؟ ولماذا تجنّبت المواجهة مع السعودية رغم وجود قاعدة أمريكية فاعلة هناك؟ وهل نحن أمام رسائل مدروسة أم حسابات حرب محسوبة بدقة؟
إيران لا تريد حرق جسورها مع السعودية
بعد سنوات من التوتر، عاد الدفء مؤخرًا للعلاقات بين الرياض وطهران بوساطة صينية. وفي ظل هذه التهدئة، تجنبّت إيران استهداف القاعدة الأمريكية في قاعدة الأمير سلطان الجوية بالسعودية، رغم أنها تمثل نقطة وجود مهم للقوات الأمريكية.
- إيران تدرك أن ضرب السعودية سيُفسر كعدوان مباشر على دولة خليجية كبرى، وقد يؤدي إلى رد فعل خليجي موحّد قد لا تستطيع مواجهته.
- كما أن السعودية لم تتورط مؤخرًا في مواقف عدائية علنية تجاه إيران في ملف غزة أو الملف النووي، مما جعلها خارج دائرة التصعيد الإيراني المرحلي.
العديد في قطر: الهدف الأوضح والأكثر رمزية
قاعدة “العديد” الجوية في قطر ليست مجرد قاعدة أمريكية عادية؛ بل هي المركز العصبي للعمليات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، حيث تُدار منها المهام في سوريا، العراق، وحتى عمليات الدعم اللوجستي لإسرائيل.
- باستهداف هذه القاعدة، أرادت إيران توجيه رسالة مباشرة لواشنطن: “نحن قادرون على إصابة قلب عملياتكم في المنطقة”.
- الضربة لم تكن موجهة لقطر كدولة، بل للقوات الأمريكية فقط، ضمن معادلة “الرد على الدعم الأمريكي لإسرائيل” خلال الحرب على غزة.
قطر: الحلقة الأضعف سياسيًا في نظر إيران
رغم أهمية قطر الجيوسياسية، ترى إيران أنها الطرف الأقل احتمالًا للرد التصعيدي بين دول الخليج في حال تم استهداف قاعدة أمريكية على أراضيها.
- العلاقات القطرية–الإيرانية لم تكن سيئة في السنوات الأخيرة، بل حافظت الدوحة على قنوات تواصل مفتوحة مع طهران.
- إيران تُقدّر أن أي ضربة داخل الأراضي القطرية لن تدفع الخليج إلى مواجهة مفتوحة معها، مما يسمح لها بالتصعيد دون الانزلاق إلى حرب شاملة.
رسالة مركبة: تهديد لأمريكا وتوازن مع الخليج
الضربة الإيرانية تحمل أبعادًا مزدوجة:
- من جهة، تحذر الولايات المتحدة من مواصلة دعم إسرائيل واستهداف المصالح الإيرانية في العراق وسوريا.
- ومن جهة أخرى، تتفادى استعداء دول الخليج الأخرى، خاصة تلك التي بدأت بانفتاح نسبي مع إيران.
هذا التوازن يؤكد أن إيران لا تبحث عن حرب شاملة، لكنها تريد استخدام أدوات الردع الذكي لتحسين موقعها التفاوضي والسياسي في المعادلة الإقليمية.
الضربة التكتيكية لا تعني نهاية الحساب
رغم أن الضربة لم تتسبب بأضرار بشرية كبيرة بحسب التقارير الأولية، إلا أنها كسرت الخطوط الحمراء التقليدية التي ترددت طهران في تجاوزها سابقًا.
- لأول مرة، تستهدف إيران قاعدة أمريكية كبيرة في دولة خليجية بشكل مباشر.
- هذه الضربة تحمل احتمالًا لتكرارها، ما لم يتم الوصول إلى تهدئة جدية في الملفات الساخنة، وعلى رأسها غزة والنووي الإيراني.
ماذا بعد؟ سيناريوهات محتملة
- تصعيد محدود ومدروس: قد تستمر إيران في سياسة “الضربات المحسوبة” ضد الأهداف الأمريكية، في العراق أو الخليج، دون الذهاب لحرب شاملة.
- رد أمريكي موضعي: قد ترد واشنطن عبر ضربات دقيقة لمواقع إيرانية أو لمليشياتها، لكنها على الأرجح لن تدخل في مواجهة مباشرة، خاصة مع اقتراب الانتخابات الأمريكية.
- ضغوط دبلوماسية على قطر: قد تجد الدوحة نفسها مضطرة لإعادة تقييم وضع القاعدة الأمريكية على أراضيها، في ظل تحولها إلى “هدف إيراني محتمل”.
خلاصة: نار تحت الرماد
إيران وجّهت رسالتها، واختارت بعناية مكان الضربة وزمانها، دون أن تحرق خطوطها مع دول الخليج الكبرى. استهداف القاعدة الأمريكية في قطر جاء في سياق إستراتيجي يهدف إلى معاقبة واشنطن دون استفزاز الرياض أو جرّ المنطقة إلى مواجهة شاملة.
لكن، يبقى السؤال الأهم:
هل سترد الولايات المتحدة؟
وإن فعلت، أين ستكون ساحة المعركة التالية؟
الأسئلة الشائعة (FAQ)
هل توجد قواعد أمريكية في السعودية؟
نعم، توجد قاعدة الأمير سلطان الجوية، وتضم وجودًا أمريكيًا محدودًا، عاد جزئيًا بعد 2019.
لماذا لا تضرب إيران القواعد الأمريكية في السعودية؟
لأن إيران لا ترغب بفتح جبهة مباشرة مع السعودية في ظل التقارب السياسي الأخير، وتحاول حصر التصعيد مع الولايات المتحدة فقط.
ما هي أهمية قاعدة العديد في قطر؟
تُعد أهم قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط، وتدير منها واشنطن عملياتها في العراق وسوريا، وهي مركز القيادة المركزية (CENTCOM).
هل قد تتكرر الضربات الإيرانية؟
نعم، طالما استمر التوتر مع الولايات المتحدة، من المحتمل تكرار ضربات مشابهة ضمن سياسة الردع المحدود.
رائع، إليك إضافة تحليلية محورية تكمّل المقال من زاويتين: الموقف الخليجي السياسي، وردود الفعل الدولية على الضربة الإيرانية.