وصف إيلون ماسك سيرجيو غور بـ”الثعبان” في خضم صراع سياسي داخل إدارة ترامب، فما خلفيات هذا التصريح وما أبعاده على الداخل الأمريكي والعلاقات الدولية؟
الخلافات بين إيلون ماسك سيرجيو غور
إيلون ماسك، رجل الأعمال المثير للجدل ومؤسس “تسلا” و”سبيس إكس”، لم يكن مجرد رجل أعمال في السنوات الأخيرة. فقد دخل معترك السياسة من باب إدارة ترامب، عبر دوره الاستشاري في “إدارة كفاءة الحكومة”. لكن سرعان ما اصطدم بما اعتبره “شبكة معقدة من الولاءات الحزبية” يديرها سيرجيو غور، المسؤول عن شؤون التعيينات داخل البيت الأبيض.
الخلافات بدأت مبكرًا في مارس 2025 عندما طرح غور أسماء مقربين من التيار التقليدي داخل الحزب الجمهوري لشغل مناصب مهمة، فيما كان ماسك يدفع باتجاه وجوه جديدة من عالم التكنولوجيا والقطاع الخاص. هذا التناقض جعل العلاقة بينهما متوترة منذ البداية، لكن ما زاد الأمر تعقيدًا هو أن غور لم يكن مجرد موظف؛ بل شخصية نافذة لها ارتباط مباشر مع الرئيس ترامب ودائرته الضيقة.
Why did Elon Musk call Sergio Gore a "snake"?
التعبير القوي الذي أطلقه ماسك عبر منصة “X” في يونيو 2025 لم يكن مجرد انفعال عابر، بل نتيجة تراكمات. فقد كتب: “He’s a snake”، في إشارة واضحة إلى أن غور يتحرك بخفية ويضرب في الظل.
أبرز الأسباب:
- إفشال ترشيح حليف ماسك لقيادة ناسا
جاراد إيزاكمان، رجل الأعمال والمستثمر المعروف في مجال الفضاء، كان المرشح الأقرب لتولي وكالة ناسا بدعم من ماسك. لكن سيرجيو غور أعد ملفًا يربط إيزاكمان بتبرعات سابقة لحزب الديمقراطيين، ما أدى إلى انسحابه من السباق. ماسك اعتبر الأمر “طعنة في الظهر”، خصوصًا وأنه كان يرى في إيزاكمان الرجل الأنسب لقيادة مرحلة جديدة من استكشاف الفضاء. - الملف الأمني المثير للجدل
كشفت صحيفة New York Post أن غور لم يُكمل استمارة التصاريح الأمنية (SF-86)، وهي وثيقة أساسية تتجاوز 100 صفحة، رغم إشرافه على خلفيات آلاف الموظفين. ماسك رأى أن ذلك “خرق للقانون”، وكتب في تغريدة أخرى: “Gor is breaking the law.” - شبكة الولاءات السياسية
من وجهة نظر ماسك، غور يمثل المدرسة القديمة في واشنطن، حيث الولاءات الحزبية والملفات الخلفية أهم من الكفاءة والابتكار. وهذا يتعارض تمامًا مع رؤية ماسك القائمة على إحداث ثورة تكنولوجية داخل الحكومة.
من هو سيرجيو غور؟
لفهم عمق الخلاف، من المهم معرفة خلفية غور.
- عمل غور طويلًا كاستراتيجي سياسي للحزب الجمهوري.
- كان مديرًا لعمليات في مجلس الشيوخ، قبل أن ينضم إلى فريق ترامب.
- لعب دورًا رئيسيًا في “تصفية” ملفات التعيينات داخل الإدارة، ما جعله من أكثر الشخصيات نفوذًا خلف الكواليس.
- عُرف بقدرته على المناورة وكسب ثقة الدوائر القريبة من الرئيس.
هذا التاريخ جعله شخصية يصعب تجاوزها، وهو ما أوقعه في مواجهة مباشرة مع ماسك الذي لا يتقبل سياسات “المكاتب المغلقة”.
ردود الفعل الرسمية
عندما وصف ماسك غور بالثعبان، سارع البيت الأبيض إلى الدفاع عن الأخير.
- أكد المتحدث الرسمي أن جميع إجراءات غور الأمنية مكتملة وأن تصريح الأمان الخاص به “نشط وسليم”.
- نائب الرئيس جاي دي فانس أشاد بغور، واصفًا إياه بأنه “شخصية أساسية في إنجاح مشروع أمريكا أولاً”.
- وسائل الإعلام المؤيدة لترامب قللت من تصريحات ماسك واعتبرتها “انفعالًا شخصيًا” بعد خسارة إيزاكمان منصب وكالة ناسا.
لكن الهجوم لم يمر مرور الكرام، فقد سلط الضوء على جانب حساس داخل الإدارة: هل تُدار الحكومة بكفاءة وشفافية، أم أن الولاءات والملفات السرية هي الحاكم الفعلي؟
تأثير الخلاف على وكالة ناسا
وكالة ناسا لم تكن مجرد مؤسسة فضائية في هذا السياق، بل كانت ساحة معركة سياسية.
- ماسك كان يسعى لترسيخ نموذج جديد يقوم على شراكات وثيقة بين القطاع الخاص والحكومة.
- غور ومن ورائه التيار التقليدي كانوا يرون أن وكالة ناسا يجب أن تبقى تحت إشراف شخصيات مرتبطة بالحزب الجمهوري بشكل مباشر.
انسحاب إيزاكمان شكل انتكاسة لخطط ماسك، ورسالة واضحة بأن نفوذ رجال الأعمال في الإدارة له حدود أمام التوازنات الحزبية.
تعيين غور سفيرًا للهند
رغم الجدل والانتقادات، أعلن الرئيس ترامب في أغسطس 2025 تعيين سيرجيو غور سفيرًا للولايات المتحدة لدى الهند، إضافة إلى منصب مبعوث خاص لمنطقة جنوب ووسط آسيا. هذه الخطوة أثارت جدلاً واسعًا لعدة أسباب:
- رسالة تحدٍ لإيلون ماسك: فالتعيين جاء بعد أسابيع فقط من وصف ماسك له بـ”الثعبان”.
- تعزيز التيار التقليدي: ترامب أرسل إشارة بأن الولاء والقدرة على إدارة الملفات أهم من الاعتراضات الفردية.
- انعكاسات على العلاقات الأمريكية-الهندية: الهند شريك استراتيجي في التكنولوجيا والطاقة والدفاع. وجود شخصية مثيرة للجدل مثل غور قد يؤثر على طبيعة الحوار بين البلدين، خاصة في ملفات حساسة مثل التعاون الفضائي الذي يهم ماسك بشكل مباشر.
ما وراء المشهد السياسي
الخلاف بين ماسك وغور لا يمكن قراءته بمعزل عن السياق الأوسع:
- صراع بين الابتكار والتقليد: ماسك يمثل المستقبل، بينما غور يجسد المؤسسة التقليدية.
- توازن القوة داخل البيت الأبيض: ترامب يدرك قيمة ماسك كشخصية شعبية واقتصادية، لكنه في الوقت ذاته يحتاج إلى رجال مثل غور لضبط التعيينات وضمان الولاء.
- انعكاسات دولية: مع تصاعد نفوذ الهند في الاقتصاد العالمي، سيكون لسفيرها الأمريكي دور محوري، ما يجعل اختيار غور خطوة استراتيجية رغم الجدل.
لم يكن وصف إيلون ماسك لسيرجيو غور بـ”الثعبان” مجرد عبارة عاطفية، بل كان تعبيرًا عن صراع أعمق بين رؤيتين لإدارة السلطة في أمريكا. الأولى تمثلها شخصيات منفتحة على القطاع الخاص والتكنولوجيا مثل ماسك، والثانية يمثلها رجال مثل غور، الذين يرون أن السياسة تُدار عبر الولاء والانضباط الحزبي.
التعيين الأخير لغور كسفير للهند يظهر أن المؤسسة التقليدية ما زالت تملك اليد العليا، لكن صوت ماسك يعكس تحولات داخلية قد لا تبقى هامشية في المستقبل. وربما تكون هذه المواجهة مجرد بداية لصراع أكبر حول طبيعة القيادة الأمريكية في عصر يتغير بسرعة.
Frequently asked questions
لماذا وصف إيلون ماسك سيرجيو غور بالثعبان؟
لأنه اعتبره عرقل طموحاته داخل إدارة ترامب، خصوصًا بإفشال ترشيح حليفه جاراد إيزاكمان لرئاسة ناسا، إضافة إلى شبهات حول ملفه الأمني.
هل لدى سيرجيو غور مشاكل قانونية بالفعل؟
البيت الأبيض نفى ذلك تمامًا، مؤكدًا أن كل إجراءاته الأمنية مكتملة، لكن تقارير صحفية شككت في مصداقية وضعه الأمني.
ما تأثير هذا الخلاف على وكالة ناسا؟
انسحاب مرشح ماسك شكّل تراجعًا لطموحاته في تحويل الوكالة إلى منصة شراكة أكبر مع القطاع الخاص.
كيف سيؤثر تعيين غور سفيرًا للهند على العلاقات الأمريكية-الهندية؟
من المتوقع أن يفتح ملفات حساسة مثل التكنولوجيا والدفاع والفضاء، خاصة وأن ماسك له مصالح مباشرة في هذه القطاعات داخل السوق الهندية.
هل يمكن أن يؤثر الخلاف على طموحات ماسك السياسية؟
نعم، إذ كشف عن حدود نفوذه داخل المؤسسة السياسية، لكنه عزز صورته كصوت مستقل يواجه “مستنقع واشنطن”.
اكتشاف المزيد من feenanoor
Subscribe to get the latest blog posts sent to your email.
