40 طائرة يوروفايتر من ألمانيا إلى تركيا: خطوة استراتيجية تعيد تشكيل توازنات المنطقة

40 طائرة يوروفايتر من ألمانيا إلى تركيا تمثل تطورًا مفاجئًا في مسار العلاقات الدفاعية بين أنقرة وبرلين، وتفتح الباب أمام إعادة ترتيب التحالفات العسكرية في شرق المتوسط وأوروبا.

40 طائرة يوروفايتر من ألمانيا إلى تركيا: لماذا الآن؟

أعلنت مصادر سياسية وأمنية أوروبية عن تقارب غير مسبوق بين تركيا وألمانيا بخصوص صفقة عسكرية ضخمة تتعلق بتوريد 40 طائرة من طراز “يوروفايتر تايفون” إلى أنقرة. هذه الطائرات، التي تُعد من أبرز المقاتلات الأوروبية الحديثة، تمثل نقلة نوعية في قدرات سلاح الجو التركي وتؤشر على تحول واضح في سياسة التسليح الألمانية تجاه تركيا، بعد سنوات من التوتر والتردد.

الصفقة – وإن لم تعلن رسميًا بشكل نهائي حتى اللحظة – إلا أن مؤشرات قوية تؤكد أن المفاوضات وصلت إلى مراحل متقدمة، خاصة بعد لقاءات متكررة جمعت مسؤولين أتراك بنظرائهم الألمان والبريطانيين في الأسابيع الأخيرة، وتحديدًا بعد زيارة وزير الدفاع التركي لبرلين في يوليو الجاري.

ما هي طائرة يوروفايتر تايفون؟

يوروفايتر تايفون (Eurofighter Typhoon) هي مقاتلة متعددة المهام من الجيل 4.5، شاركت في تصنيعها أربع دول أوروبية هي: المملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا. وتتميز الطائرة بسرعة تفوق 2 ماخ، وقدرة عالية على المناورة، وإمكانيات قتالية متطورة جو-جو وجو-أرض.

وجود هذه الطائرات ضمن الأسطول التركي يعني:

• تعزيز الردع الجوي ضد التهديدات الإقليمية.
• سد فجوة القوة بعد تعثر مشروع مقاتلة F-35 الأمريكية.
• امتلاك منصة قادرة على التعامل مع التهديدات الحديثة في بحر إيجه والبحر الأسود.

الخلفية السياسية والعسكرية للصفقة

مرت العلاقات بين أنقرة وبرلين خلال السنوات الماضية بتوترات سياسية، خاصة على خلفية قضايا حقوق الإنسان وملف الهجرة وتدخل تركيا في سوريا وليبيا. ومع ذلك، ظلت العلاقات الاقتصادية والعسكرية مستمرة ولكنها متحفظة.

لكن في عام 2024، بدأت إشارات التهدئة والواقعية السياسية تظهر من الجانب الألماني، خصوصًا بعد تصاعد التوتر بين حلف الناتو وروسيا، وارتفاع أهمية تركيا كدولة محورية في الجناح الجنوبي للحلف.

اقرأ أيضا : خلافات درزية جديدة تزداد حدتها وسط غياب قيادة موحدة

من العوامل التي ساهمت في تسريع هذه الصفقة:

• الضغوط البريطانية على ألمانيا، حيث أن لندن – إحدى الدول المؤسسة لمشروع يوروفايتر – تدعم بقوة بيع الطائرات إلى تركيا.
• خروج تركيا من برنامج F-35 الأمريكي بسبب أزمة منظومة S-400 الروسية.
• توجه تركيا نحو تنويع مصادر التسليح، ونجاحها مؤخرًا في تطوير طائرة “قآن” القتالية محليًا.

هل تمثل الصفقة تهديدًا للتوازن الإقليمي؟

رغم أن تركيا حليف رئيسي في الناتو، إلا أن بعض الدول الإقليمية مثل اليونان وقبرص تتابع هذه الصفقة بقلق، معتبرة أن تعزيز سلاح الجو التركي بمقاتلات يوروفايتر المتقدمة سيمنح أنقرة تفوقًا نوعيًا في المنطقة.

القلق لا يأتي فقط من التوازن في بحر إيجه، بل يمتد إلى الملف الليبي، والوجود التركي في القوقاز، وحتى التوترات مع سوريا. كما أن إسرائيل تراقب هذه الصفقة عن كثب، نظرًا لكونها ستزيد من تعقيد المعادلات العسكرية شرق المتوسط.

الموقف الأوروبي: انقسام في المواقف

ألمانيا وافقت مبدئيًا، لكنها لا تزال تواجه ضغوطًا داخلية وبرلمانية بسبب تحفظات الأحزاب اليسارية والخضراء على بيع الأسلحة لدول يُنظر إلى سجلها الحقوقي بعين الريبة. غير أن التحولات الجيوسياسية الجديدة والاحتياجات الدفاعية الأوروبية في مواجهة روسيا دفعت برلين لإعادة حساباتها.

بريطانيا من جهتها متحمسة لتفعيل الصفقة، في ظل رغبتها بتوسيع صادراتها الدفاعية وتعزيز علاقتها بأنقرة بعد البريكست.

تركيا ومشروع الطائرة الوطنية “قآن”

الصفقة لا تعني تخلي أنقرة عن مشروعها الوطني، بل تُشكل خطوة تكتيكية لتعويض الفراغ المؤقت في قدراتها الجوية. فتركيا تعمل على تطوير طائرتها القتالية المحلية “قآن”، وقد أجرت أول اختبار طيران ناجح في أوائل 2025.

يوروفايتر ستكون جسراً بين جيل الطائرات القديمة (F-4 وF-16) وبين الجيل المحلي القادم، ما يمنح تركيا هامشًا أوسع في التحديث والاستعداد لأي سيناريو عسكري.

تمثل صفقة 40 طائرة يوروفايتر من ألمانيا إلى تركيا نقطة تحول في السياسة الدفاعية الأوروبية والتركية على حد سواء. هي ليست مجرد عملية تسليح، بل خطوة ذات أبعاد استراتيجية ستُعيد تشكيل موازين القوى في المنطقة. في حال تمت المصادقة النهائية عليها، فإنها ستكون أحد أبرز التحولات في الخارطة العسكرية للناتو خلال هذا العقد.

الأسئلة الشائعة

هل تم التوقيع الرسمي على صفقة اليوروفايتر بين ألمانيا وتركيا؟

حتى اللحظة لم يتم الإعلان عن توقيع رسمي، لكن مصادر دبلوماسية تؤكد أن الصفقة قيد الإعداد النهائي.

لماذا لم تحصل تركيا على F-35 واختارت يوروفايتر؟

بسبب الخلاف مع واشنطن على خلفية شراء تركيا منظومة S-400 الروسية، تم تعليق مشاركتها في برنامج F-35.

ما الدول التي تُصنّع يوروفايتر؟

المملكة المتحدة، ألمانيا، إيطاليا، إسبانيا.

هل تؤثر هذه الصفقة على توازن القوى في شرق المتوسط؟

بالتأكيد، فهي تمنح تركيا تفوقًا جويًا قد يقلق بعض الدول المجاورة مثل اليونان وقبرص.