منذ عقود طويلة، ظلت غزة هدفًا لمؤامرات الاحتلال الإسرائيلي والدول الداعمة له، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. واليوم، تتجدد هذه المؤامرات مع محاولات التهجير القسري،
حيث يسعى الغرب بقيادة واشنطن إلى فرض واقع جديد على الأرض، وكأن غزة مجرد ورقة تفاوض يمكن أن تُباع وتُشترى وفقًا لمصالحهم السياسية. ولكن، كما أثبت التاريخ، فإن غزة ليست للبيع، ولا للمساومة، وهي ليست ملكًا لأحد غير أهلها، الذين صمدوا أمام الاحتلال رغم كل ما مر بهم من ويلات.
ليس من حق ترامب أو غيره التصرف في غزة وأهلها
في ظل الأوضاع المأساوية التي يعيشها الفلسطينيون في غزة، تأتي تصريحات المسؤولين الأمريكيين، وعلى رأسهم دونالد ترامب، لتكشف عن مدى الاستهتار الغربي بحقوق الفلسطينيين. فبينما يتحدثون عن تهجير أهل غزة إلى سيناء أو أي بقعة أخرى، وكأنهم أرقام بلا هوية، فإن الحقيقة واضحة وضوح الشمس: لا أحد يمتلك الحق في التصرف بأرض غزة أو بشعبها، لا ترامب ولا غيره، ولا حتى أي جهة أخرى تدعي الوصاية على القضية الفلسطينية.
فلسطين لم تكن يومًا قضية مساومة، وغزة على وجه الخصوص، لم تكن يومًا أرضًا يمكن أن تُنقل من مكان إلى آخر بقرارات من البيت الأبيض أو تل أبيب. هذه الأرض التي سُقيت بدماء الشهداء، والتي تحمل في طياتها إرثًا نضاليًا عمره عقود، ليست مجرد منطقة جغرافية، بل هي رمز للمقاومة والصمود، ومهما تكالبت القوى عليها، فإنها لن تُكسر ولن تُباع.
أهل غزة لا تُجدي معهم لغة التهديد
منذ سنوات طويلة، والاحتلال الإسرائيلي يستخدم كل أنواع الضغط ضد غزة: الحصار، القصف، التجويع، التدمير، والعقوبات الاقتصادية. ورغم كل ذلك، لم تنكسر غزة، ولم يرفع أهلها الراية البيضاء. واليوم، تعود الإدارة الأمريكية ومن خلفها إسرائيل لتمارس لغة التهديد والابتزاز السياسي، متوهمة أن سكان غزة يمكن أن يُجبروا على ترك أرضهم تحت الضغط. لكن، أهل غزة لم يخضعوا من قبل، ولن يخضعوا الآن، ولن يخضعوا أبدًا.
اقرأ أيضا : جنوب افريقيا تتوج بمونديال الرجبي بعد الاطاحة بنيوزلندا
إذا كان العالم يظن أن أهل غزة يمكن أن يُجبروا على الرحيل، فهو لا يعرف طبيعة هذا الشعب، الذي صمد رغم كل شيء، واستمر في العيش تحت أصعب الظروف. من يعتقد أن الفلسطيني يمكن أن يُساوم على أرضه، لم يفهم بعد أن هذه الأرض ليست مجرد مكان للسكن، بل هي الهوية، والتاريخ، والمستقبل.
كلما اشتدت المحن، اقترب الفرج
إذا كانت هذه المؤامرات قد اشتدت اليوم، وإذا كانت غزة تمر بمرحلة غير مسبوقة من الضغط، فهذا ليس مؤشرًا على النهاية، بل هو دليل على أن الفرج قد اقترب. عبر التاريخ، كلما زادت المعاناة على الفلسطينيين، كان ذلك مقدمة لصمود أعظم، ومقاومة أقوى، وتحرّك سياسي ودولي يُعيد ترتيب الأوراق لصالح القضية الفلسطينية.
إن المخططات التي تُحاك اليوم ضد غزة، والتي تهدف إلى تفريغها من سكانها أو تغيير هويتها، لن تمرّ كما يتوقع المتآمرون. غزة التي صمدت في وجه الحصار، وقاومت الاحتلال بشتى الوسائل، لن تستسلم الآن، ولن تخرج من أرضها إلا إلى أرضها.
الخاتمة: غزة باقية وأقوى من كل المؤامرات
إن القضية الفلسطينية ليست للبيع، وغزة ليست ملفًا على طاولة مفاوضات بين القوى الكبرى. من يعتقد أن بمقدوره أن يتلاعب بمصير هذا الشعب، فهو واهم، ومن يتصور أن لغة القوة والتهديد ستؤدي إلى إخضاع الفلسطينيين، فهو لم يقرأ التاريخ جيدًا.
غزة، كما كانت دائمًا، ستبقى عصية على كل مخططات التهجير والتصفية. ومهما اشتدت الأزمات، فإن الأمل بالنصر والتحرر لا يزال حيًا في قلوب أهلها، الذين أثبتوا مرارًا وتكرارًا أن الأرض لا تُفرّط، وأن الحقوق لا تُباع، وأن الصمود هو الطريق الوحيد نحو الحرية.
وبالله التوفيق.