فيضانات باكستان 2025: مأساة مستمرة وسط الأمطار الغزيرة وتحديات الإغاثة

Getting your Trinity Audio player ready... |
فيضانات باكستان 2025 أودت بحياة 340 شخصًا، دمرت منازل ومزارع، فيما تستمر الأمطار الغزيرة حتى 21 أغسطس، وسط جهود إنقاذ عاجلة وارتباط الكارثة بالتغير المناخي.
شهدت باكستان خلال الأيام الأخيرة موجة أمطار غزيرة وسيول مفاجئة، تسببت في أكبر كارثة طبيعية هذا الموسم، حيث أودت بحياة المئات وألحقت أضرارًا واسعة بالبنية التحتية والممتلكات، في مشهد يثير الحزن والذهول على حد سواء. حتى صباح السبت، تأكدت وفاة 340 شخصًا في شمال باكستان، فيما لا يزال العشرات في عداد المفقودين في تلال وجبال إقليم خيبر بختونخوا.
الدمار في خيبر بختونخوا وبونر
أكثر المناطق تضررًا كانت ولاية خيبر بختونخوا الجبلية، المجاورة لأفغانستان، حيث وقع أكبر عدد من الضحايا. في مقاطعة بونر وحدها، فقد 91 شخصًا حياتهم، بينما دمرت الأمطار الحقول والمزارع التي تعود لعائلات لأجيال. محمد خان، أحد سكان بونر، وصف الدمار قائلاً: “استيقظنا لنجد الأرض التي تربينا عليها قد اختفت، وكأن الجبال ابتلعتها. انتشلنا 19 جثة من تحت الركام، وما زلنا نبحث عن الآخرين.”
في منطقة سوات، غمرت السيول الطينية الشوارع والمركبات، وأسقطت أعمدة الكهرباء، مما زاد من صعوبة وصول فرق الإنقاذ. وقال سيف الله خان (32 عامًا): “نجمع الجثث ونقيم عليها صلاة الجنازة، لكن لا يزال الغموض يحيط بمن نجح في النجاة ومن فارق الحياة.”
مأساة الهليكوبتر وإنعاش جهود الإنقاذ
أدت الظروف الجوية السيئة إلى تحطم طائرة هليكوبتر أثناء مهمة إنقاذ يوم الجمعة، ما أسفر عن مقتل خمسة من أفراد الطاقم. ومع ذلك، تواصل فرق الإنقاذ المدنية والعسكرية مهامها في ظروف صعبة، حيث يجبر الانزلاق الأرضي وقطع الطرق فرق الإسعاف على التنقل سيرًا على الأقدام للوصول إلى المحاصرين.
وقال المتحدث باسم هيئة إدارة الكوارث، بلال أحمد فائزي، إن “فرق الإنقاذ ترغب في إجلاء الناجين، لكن القليل منهم يوافقون على المغادرة لأن أقاربهم ما زالوا تحت الركام”، مما يعكس الصراع النفسي والمعاناة العاطفية للسكان في مواجهة الفقد والمأساة.
أرقام مأساوية وإحصاءات صادمة
تجاوزت حصيلة ضحايا موسم الأمطار غير الاعتيادي منذ يونيو 657 شخصًا، بينهم مئات الأطفال، وأصيب 888 آخرون بجروح. وأكدت السلطات أن نصف الضحايا على الأقل لقوا حتفهم بسبب سوء نوعية المباني، التي لم تصمد أمام السيول والانهيارات الأرضية. وأوصت الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث بتنظيف المزاريب بانتظام لتجنب تراكم المياه الذي قد يؤدي إلى انهيار الأسطح، خصوصًا مع بدء ذروة الأمطار الموسمية، والتي عادة ما تستمر حتى منتصف سبتمبر.
التأثير الإنساني والاجتماعي
لم تقتصر الكارثة على فقد الأرواح والممتلكات، بل امتدت لتشمل البنية الاجتماعية للمناطق المتضررة. فقد فقدت العديد من العائلات منازلها بالكامل، بينما اختفت أراضٍ زراعية كانت المصدر الأساسي للعيش. ويقول محمد خان من بونر: “كل شيء اختفى، حتى الحقل الصغير الذي كنا نلعب فيه الكريكت لم يعد موجودًا. الحياة تغيرت بشكل جذري.”
العديد من الأهالي يعيشون الآن في ملاجئ مؤقتة، ويحاولون إعادة ترتيب حياتهم وسط الطين والركام، بينما تكافح السلطات لتقديم المساعدات الغذائية والطبية الأساسية.
الكارثة تتجاوز باكستان
الأمطار الغزيرة والسيول لم تقتصر على باكستان فقط، بل امتدت إلى أجزاء من الهند ونيبال، حيث سقط العشرات من القتلى، خصوصًا في الشطر الهندي من كشمير، فيما لا يزال عشرات الأشخاص في عداد المفقودين. وفي منطقة غلغت بالتستان، الواقعة في أقصى شمال باكستان، لقي خمسة أشخاص حتفهم، رغم أن المنطقة مقصد سياحي شهير لمتسلقي الجبال من مختلف أنحاء العالم، ما دفع السلطات إلى تحذير الزوار من السفر إلى المنطقة مؤقتًا.
العوامل المناخية والتغير المناخي
تشير الدراسات العلمية الحديثة إلى أن الاحتباس الحراري العالمي وفعل الأنشطة البشرية المتمثلة في زيادة انبعاثات غازات الدفيئة قد ساهم بشكل كبير في تفاقم هذه الفيضانات. فالمناخ المتغير يجعل الأمطار الموسمية أكثر شدة، والسيول أكثر قوة، ويزيد من احتمالية وقوع انهيارات أرضية وموجات مفاجئة من الفيضانات.
وفقًا للهيئة الوطنية لإدارة الكوارث، فإن هذه الموجة من الأمطار الغزيرة تمثل الأكثر دموية منذ بداية الموسم، وتسلط الضوء على هشاشة البنية التحتية وقلة الاستعداد لمثل هذه الكوارث، خصوصًا في المناطق الجبلية والريفية.
جهود الإغاثة والتحديات
في مواجهة هذه الكارثة، شكلت الحكومة الباكستانية فرقًا مدنية وعسكرية لتنفيذ عمليات الإنقاذ والإغاثة. وأعلن نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية إسحاق دار أن عمليات فتح الطرق وصرف الأموال المخصصة للطوارئ مستمرة، مع نشر أكثر من ألفي عنصر إنقاذ للمشاركة في انتشال الجثث وتنفيذ عمليات الإغاثة.
ومع ذلك، فإن الأمطار المتواصلة والانزلاقات الأرضية تعيق هذه الجهود بشكل كبير، وتجعل من الوصول إلى بعض القرى المستهدفة أمرًا شبه مستحيل، مما يضاعف معاناة السكان ويؤخر وصول المساعدات العاجلة.
الدروس المستفادة والتحذيرات المستقبلية
تعكس هذه الفيضانات حجم التحديات التي تواجه باكستان في مواجهة الكوارث الطبيعية، وتؤكد الحاجة إلى تحديث البنية التحتية، تحسين نوعية البناء، وتعزيز آليات الوقاية والاستجابة للكوارث. كما أن تنظيف المزاريب ومراقبة التدفقات المائية أصبح ضرورة حتمية لتقليل الأضرار البشرية والمادية في المستقبل.
تستمر باكستان في مواجهة واحدة من أكثر الفيضانات دموية في تاريخها الحديث، وسط حزن عميق بين السكان الذين فقدوا أحبائهم وممتلكاتهم. وبينما تواصل السلطات جهودها لتقديم المساعدات والإغاثة، تبقى الأنظار موجهة نحو دراسة آثار التغير المناخي وتعزيز الاستعداد للكوارث المستقبلية، لضمان حماية أكبر عدد ممكن من الأرواح والممتلكات.
الأسئلة الشائعة (FAQ):
س: ما أسباب هذه الفيضانات المدمرة في باكستان؟
ج: تعود الأسباب إلى الأمطار الموسمية الغزيرة، الانزلاقات الأرضية، صواعق البرق، وسوء نوعية المباني، بالإضافة إلى تأثير التغير المناخي العالمي.
س: كم بلغ عدد الضحايا حتى الآن؟
ج: تأكدت وفاة 340 شخصًا في شمال باكستان، مع استمرار البحث عن المفقودين، وارتفاع إجمالي ضحايا الموسم منذ يونيو إلى 657 شخصًا.
س: ما المناطق الأكثر تضررًا؟
ج: ولاية خيبر بختونخوا كانت الأكثر تضررًا، مع وقوع أكبر عدد من الوفيات، إضافة إلى مناطق سوات وبونر وغلغت بالتستان، وكذلك أجزاء من الشطر الهندي من كشمير.
س: ما الإجراءات المتخذة لمواجهة الكارثة؟
ج: تُنفذ فرق مدنية وعسكرية عمليات إنقاذ وإغاثة، مع صرف أموال الطوارئ وفتح الطرق المغلقة، ونشر آلاف عناصر الإنقاذ للمشاركة في انتشال الجثث وتنفيذ عمليات الإغاثة.
اكتشاف المزيد من فيينانور الإخبارية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.