قراءات معمقة

إبادة جماعية في غزة: هذا ما نراه الآن

إبادة جماعية في غزة تتكشف أمام أعين العالم، حيث تستمر آلة الحرب في استهداف المدنيين وتدمير البنية التحتية بشكل ممنهج.

إبادة جماعية في غزة أمام صمت العالم

في الوقت الذي تغيب فيه العدالة الدولية، تتواصل في قطاع غزة عملية عسكرية وصفتها تقارير حقوقية وأممية بالإبادة الجماعية، حيث يُقتل الأطفال والنساء، وتُمحى الأحياء من على وجه الأرض، وتُستهدف المستشفيات والمدارس بلا هوادة.

منذ بداية الحرب، لم تعد الهجمات الإسرائيلية تقتصر على الأهداف العسكرية، بل تحولت إلى سياسة “الأرض المحروقة”، في استهداف شامل للمدنيين والمرافق الحيوية، وهو ما يرقى بوضوح إلى جرائم ضد الإنسانية، بحسب خبراء القانون الدولي.

استهداف المدنيين والبنى التحتية: تكتيك الإبادة الممنهجة

في كل ساعة تمر، يسقط مزيد من الضحايا. القصف لا يميز بين منزل وسوق، بين مسجد وكنيسة، بين مستشفى ومخيم للنازحين. المشاهد المتكررة لجثث الأطفال تحت الأنقاض باتت عنوانًا ثابتًا للتغطيات الإعلامية، لكن ما لا تنقله الكاميرات أكبر بكثير.

تقارير الأمم المتحدة والصليب الأحمر تتحدث عن “كارثة إنسانية غير مسبوقة“، و”حصار شامل يمنع الغذاء والماء والدواء عن أكثر من مليوني إنسان”، وهو ما يؤكد أن الاستراتيجية العسكرية المتبعة تهدف إلى تحطيم إرادة السكان واستنزافهم حتى النهاية، وهو أحد أوجه الإبادة الجماعية في القانون الدولي.

لغة الأمم المتحدة: تحذير بلا فعل

المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة قالها بوضوح: “الوضع في غزة يرقى إلى الإبادة الجماعية”، لكن اللغة الدبلوماسية بقيت دون خطوات عملية لوقف الحرب، بينما استمرت بعض الدول الغربية في دعم إسرائيل سياسيًا وعسكريًا.

اقرأ أيضا : الاعتراف بدولة فلسطين بات خطوة وشيكة 

اللافت أن المحكمة الجنائية الدولية فتحت تحقيقًا أوليًا حول الجرائم في غزة، لكن البطء الشديد في الإجراءات يجعل المراقبين يتساءلون: هل هناك نية حقيقية للمحاسبة؟ أم أن غزة ستظل مسرحًا مفتوحًا لجرائم بلا عقاب؟

مشاهد الواقع: الأرقام لا تكذب

  • عدد الضحايا تجاوز 40 ألفًا بين قتيل وجريح، بينهم نسبة كبيرة من الأطفال والنساء.
  • المرافق الصحية أصبحت غير صالحة للعمل بنسبة 70%.
  • البنية التحتية تعرضت لدمار شبه كامل، بما في ذلك شبكات الكهرباء والمياه.
  • النزوح الداخلي طال أكثر من مليون ونصف إنسان، يعيشون في ظروف غير إنسانية.

هذه الأرقام وحدها، دون حاجة لأي تحليل، تعني أننا أمام جريمة متكاملة الأركان بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948.

الرواية الإسرائيلية: أمن مزعوم وواقع مفجع

تصر الرواية الإسرائيلية الرسمية على أن العمليات العسكرية تستهدف “حماس”، لكن الأدلة على الأرض تكشف أن القصف العشوائي والواسع يستهدف كل شيء. مدارس الأونروا والمستشفيات التابعة للهلال الأحمر كانت هدفًا مباشرًا، مما ينفي ادعاءات التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية.

بل إن بعض التسجيلات المسرّبة لجنود وضباط إسرائيليين كشفت نوايا واضحة في استخدام سياسة “الردع عبر التدمير الكامل”، وهي فلسفة عسكرية تتنافى مع مبدأ التناسب والتمييز في القانون الدولي الإنساني.

الصمت العربي والدولي: خذلان أخلاقي وإنساني

رغم التصريحات المتكررة من بعض القادة العرب، فإن الفعل على الأرض غائب. معظم المواقف تندرج ضمن “الإدانة” أو “المطالبة بالتهدئة”، في وقت تحتاج فيه غزة إلى خطوات عملية: فك الحصار، محاسبة المجرمين، وإغاثة فورية للمدنيين.

في المقابل، تتخذ بعض الحكومات الغربية موقفًا فاضحًا في دعم إسرائيل، رغم التقارير الحقوقية التي توثق الانتهاكات. هذا الانحياز يعزز مناخ الإفلات من العقاب، ويشجع على تكرار الجرائم.

المقاومة في غزة: بين الحق المشروع والحصار السياسي

المقاومة الفلسطينية في غزة، رغم كل الحصار والمآسي، ما زالت تُعتبر وفق القانون الدولي “حقًا مشروعًا للشعوب الواقعة تحت الاحتلال”. لكن تجريم المقاومة، وربطها بالإرهاب من قبل بعض الحكومات، شكّل غطاءً أخلاقيًا لشن حروب إبادة ضد السكان المدنيين.

الحديث هنا ليس عن تبرير أي عنف، بل عن قراءة متوازنة للواقع: شعب محاصر منذ 17 عامًا، يتعرض لأبشع أشكال القتل الجماعي، أمام صمت عالمي مخزٍ.

الإعلام الغربي: انحياز وتضليل

واحدة من أبرز أدوات التلاعب بالحقيقة هي التغطية الإعلامية المنحازة، حيث تتعمد بعض الوسائل الغربية تبرير القصف الإسرائيلي تحت شعار “حق الدفاع عن النفس”، متجاهلة السياق الكامل للاحتلال، والحصار، وعدم التناسب في الردود.

ومع صعود منصات الإعلام المستقل ومواقع التواصل، بدأ يتكشّف الوجه الحقيقي لما يجري في غزة، من خلال صور ومقاطع توثق مشاهد تقشعر لها الأبدان، ويصعب تصنيفها إلا ضمن خانة الإبادة الجماعية الموثقة بالصوت والصورة.

نحو محاسبة دولية: هل يتحرك الضمير العالمي؟

المطالبة اليوم ليست فقط بوقف فوري للحرب، بل بإطلاق مسار دولي واضح لمحاكمة مرتكبي الجرائم، سواء كانوا مسؤولين سياسيين أو عسكريين. العدالة لم تعد خيارًا، بل ضرورة إنسانية وأخلاقية، إن أراد العالم الحفاظ على مصداقية القانون الدولي.

خاتمة

الإبادة الجماعية في غزة ليست مجرد وصف أدبي أو توصيف إعلامي، بل واقع موثق بالأرقام والصور والشهادات، يعيش تفاصيله يوميًا شعب أعزل يُعاقب فقط لأنه يريد الحياة.
ما نراه الآن ليس حربًا تقليدية، بل محاولة ممنهجة لإبادة جماعة بشرية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. فهل يتحرك الضمير العالمي، أم ستُسجل غزة صفحة جديدة من التاريخ المنكوب بالصمت والخيانة؟


الكلمة المفتاحية: إبادة جماعية في غزة

الوسوم: غزة، الحرب على غزة، جرائم حرب، القانون الدولي، حقوق الإنسان، الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

هل ترغب بإعداد نسخة إنجليزية من هذا المقال أيضًا؟


اكتشاف المزيد من feenanoor news

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مبارك أبو ياسين

مبارك أبو ياسين كاتب ومُدوِّن عربي يهتم بتحليل القضايا السياسية والاجتماعية والفكرية من منظور إنساني عميق. يُعرف بأسلوبه السلس وقدرته على الربط بين الأحداث والواقع اليومي، ويكتب في مجالات متعددة تشمل الرأي، الإعلام، التحولات النفسية، والتعليم، واضعًا نصب عينيه تقديم محتوى احترافي، ثري، وذو طابع بشري يُلامس القارئ العربي.

يمكنك التعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من feenanoor news

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

تعمیر سونا بخار09121507825. بررسی حقوقی قراردادهای اجاره و چالش‌های حقوقی آن. A revenda de materiais elétricos em jardim anhanguera oferece um leque de oportunidades para quem busca qualidade e economia.